أبني أنطوائي..أبنتي أنطوائيه..علاج الأبن الأنطوائي
غنام عبدالعزيز الغنام
الطفل صفحة بيضاء يمكن ان ننقش عليها ما نريد وعلى الرغم من ذلك نسمع ونشاهد ونقرأ عن بعض انحرافات الابناء داخل المجتمع ناتجة من اساليب تربوية خاطئة بعضها صادر عن نوايا طيبة ضلت الطريق بسبب الجهل وبعضها صادر عن ممارسات تسلطية، في هذه الصفحة نعرض بعض المشاكل التي تواجه المربين في محاولة سريعة وبسيطة لايجاد الحلول لها.
رسالة اليوم من أب يعرض فيها مشكلته مع ابنه المراهق،
يقول: لدي ابن مراهق يبلغ من العمر 16 عاماً هو الأوسط بين أخوته، ومتفوق دراسياً، لكن المشكلة أنه انطوائي جداً ولا يخالط الناس نهائياً، وليس لديه أي رفاق يخرج معهم، بل انه يرفض الخروج من البيت.
كما أنه أصبح في هذه الفترة عصبياً جداً ولا يتقبل أي نصح أو إرشاد، ولا يريد الاستماع لأي نصيحة إلى درجة أنه يغادر الغرفة أو يغلق أُذنيه أثناء كلامي معه.
حصل أنه تشاجر مع أخته الكبرى وحصلت قطيعة بينهما من سنتين، فأصبح لا يكلمها نهائياً على الرغم من جميع محاولاتنا للإصلاح بينهما دون جدوى. وأخيراً تشاجر مع أمه وقل أدبه عليها، وأصبح لا يكلمها، ويرفض الاعتذار منها وحصلت بينهما أيضاً قطيعة.
ماذا أفعل معه، مع العلم بأنني قمت بنصحه دينياً بالآيات والأحاديث والتوجيه، وقلت له ان عليه أن يتصالح مع والدته وأخته.. لكن من دون جدوى أيضاً. بعدها حرمته من جهاز اللاب توب الخاص به، ولم يتأثر لعناده.
أرجو مساعدتي في حل هذه المشكلة وشكراً جزيلاً لك.
الحـل
هذه المرحلة العمرية هي الفترة الأكثر عصفاً وتقلبا في حياة المراهقين، فهي مرحلة البحث عن الهوية والاستقلال، لذلك نجد منهم الكثير من التمرد والرفض لطاعة الوالدين. فالمراهق يريد أن يشعر باستقلاله وذاته، ويقاوم أي إدارة لشؤونه من قبل والديه، لكن علينا كوالدين أن نكون متفهمين لهذه الحالة التي يمر بها. وهو مع ذلك يحتاج إلى اهتمامنا، لذلك يجب أن نكون قريبين منه حتى يفتح لنا صدره ويعود إلى جادة الصواب بإذن الله.
أخي الفاضل: إذا كان الجو المحيط بابنك في الأسرة يتميز بالتوتر والقلق وبعض العصبية الزائدة والتسلط من قبل الوالدين أو أحد أفراد العائلة، فسينعكس ذلك على نفسيته. ومن أهم الأسباب السيكولوجية لعصبية الأبناء هو شعورهم بالعزلة نتيجة لحرمانهم من الدفء العاطفي في الأسرة، وعدم إشباع حاجتهم من القبول والحنان والاهتمام. وعلينا الحرص كذلك على عدم توجيه اهتمامنا إلى أحد الأبناء دون الآخر، لاننا بهذا نُشعر الابن الآخر بعدم الأمان والاستقرار.
تصرفات ابنك هي تعبير صارخ عن قلقه على ذاته، فبقدر ما تُشعرونه أنه مرغوب ومحبوب مهما بدر منه، يكون متكيفاً مع البيئة ومع الأسرة ومع ذاته، فقد يكون سبب تمرده القسوة الشديدة في معاملته كما قلنا قبل، وأيضاً قد يكون السبب الإسراف في ترضيته وتدليله مما ينمي لديه صفات الأنانية وحب الذات.
من ناحية أخرى الشجار ليس دائما إشارة على وجود شيء خطأ في العلاقة الأسرية، إنما هو جزء من الحياة اليومية، لأنه كما توجد اختلافات فردية ستوجد دائماً اختلافات في الرأي، لكن يجب أن يناقش الاختلاف بصورة لا تؤذي احترام أي شخص لذاته.
قواعد إدارة الشجار أو الاختلاف
1 - على الآباء أن يتريثوا فلا يقابلوا الغضب بغضب أو الخصام بخصام، فعلينا أن ندرس ردود أفعالنا قبل أن نظهرها أمام أبنائنا.
2 - إذا كان الشجار بين الأبناء، خاصة المراهقين، يجب أن لا نقف كوالدين مع أحد على حساب الآخر، لكن علينا أن نستمع لكل منهما على حدة، وان نحاول حل المشكلة بهدوء وارضاء جميع الأطراف حتى لا يكره بعضهم بعضا.
3 - لا تهدد.. لكن كن حازماً ولا تستعمل ألفاظا نابية أو مهينة.
4 - تجنب السخرية منه، لأنها تشعره بأنه مهمل أو مذلول.
5 - تجنبا كوالدين الخصام أو الزعل بأي شكل من الأشكال، فعند انتهاء الشجار ينتهي كل شيء وترجع الأمور إلى ما كانت عليه.
6 - تجنب تأجيل الشجار أو التحدث عنه بعد فواته.
7 - اجعل الهدف من الشجار أو الصراع أو النقاش، هو اعادة الألفة بينكما، لا الانتصار عليه فهو ابنك. فاجعل الخلاف جسرا لخلق التفاهم وفهم كل واحد للآخر.
المهم أن لا تقطع الرجاء فيه، لأن من السهل أن تحب ابنا يريد حبك، والأصعب أن تحب ابنا لا يريده.
معادلة اليوم
استمع لابنك أو ابنتك بإنصات من دون أن تصدر حكماً حتى لا يكره الحديث معك.
د. غنام عبدالعزيز الغنام
استشاري تربوي واجتماعي
